Saturday, August 30, 2008

في صحيح مسلم انه كان ينتبذ له أول الليل ويشربه إذا اصبح يومه ذلك والليلة التي تجئ والغد والليلة الأخرى والغد إلى العص


فصل وثبت في صحيح مسلم انه كان ينتبذ له أول الليل ويشربه إذا اصبح يومه ذلك والليلة التي تجئ والغد والليلة الأخرى والغد إلى العصر فان بقى منه شئ سقاه الخادم أو أمر به فصب وهذا النبيذ هو ماء يطرح فيه تمر يحليه وهو يدخل في الغذاء والشراب وله نفع عظيم في زيادة القوة وحفظ الصحة ولم يكن يشربه بعد ثلاث خوفا من تغيره إلى الاسكار فصل في تدبيره لأمر الملبس وكان من أتم الهدى وانفعه للبدن وأخفه عليه أيسره لبسا وخلعا وكان أكثر لبسه الردية والأزر وهى أخف على البدن من غيرها وكان يلبس القميص بل كان أحب الثياب إليه وكان هديه في لبسه لما يلبسه أنفع شئ للبدن فانه لم يكن يطيل أكمامه ويوسعها بل كانت كم قميصه إلى الرسغ لا تجاوز اليد فتشق على لابسها وتمنعه خفة الحركة والبطش ولا تقصر عن هذه فتبرز للحر والبرد وكان ذيل قميصه وإزاره إلى أنصاف الساقين لم يتجاوز الكعبين فيؤذى الماشى ويؤوده ويجعله كالمقيد ولم يقصر عن عضلة ساقه فتنكشف فيتأذى بالحر والبرد ولم تكن عمامته بالكبيرة التي تؤذى الرأس حملها ويضعفه ويجعله عرضة للضعف والآفات كما يشاهد من حال أصحابها ولا بالصغيرة التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد بل وسطا بين ذلك وكان يدخلها تحت حنكه وفي ذلك فوائد عديدة فإنها

تقي العنق الحر والبرد وهواثبت ولا سيما عند ركوب الخيل والإبل والكر والفر وكثير من الناس اتخذ الكلاليب عوضا عن التحنك ويباعد ما بينهما في النفع والزينة وأنت إذا تأملت هذه اللبسة وجدتها من أنفع اللبسات وابلغها في حفظ صحة البدن وقوته أبعدها من التكلف والمشقة على البدن وكان يلبس الخفاف في السفر دائما وأغلب أحواله لحاجة الرجلين إلى ما يقيهما من الحر والبرد وفي الحضر أحيانا وكان أحب ألوان الثياب إليه البياض والحبرة وهى البرودة المحبرة ولم يكن من هديه لبس الحمر ولا الأسود ولا المصبغ ولا المصقول واما الحلة الحمراء التي لبسها فهى الرداء اليماني الذي فيه سواد وحمرة وبياض كالحلة الخضراء فقد لبس هذه وهذه وقد تقدم تقرير ذلك وتغليط من زعم انه لبس الأحمر القاني بما فيه الكفاية فصل في تدبيره لأمر المسكن لما علم انه على ظهر سير وان الدنيا مرحلة مسافر ينزل فيها مدة عمره ثم ينتقل عنها إلى الآخرة لم يكن من هديه وهدى أصحابه ومن تبعه الاعتناء بالمساكن وتشييدها وتعليتها وزخرفتها وتوسيعها بل كانت من أحسن منازل المسافر تقى الحر والبرد وتستر عن العيون وتمنع من الولوج الدواب لا يخاف سقوطها لفرط ثقلها ولا تعشش فيها الهوام لسعتها ولا تعتور عليها الأهوية والرياح المؤذية لارتفاعها وليست تحت الأرض فتؤذى سكانها ولا في غاية الارتفاع عليها بل وسط وتلك أعدل المساكن وانفعها واقلها حرا وبردا ولا تضيق عن سكانها فينحصر ولا

تفضل عنه بغير منفعة ولا فائدة فتأوى الهوام في خلوها ولم يكن فيها كنف تؤذى ساكنها برائحتها بل رائحتها من أطيب الروائح لأنه كان يحب الطيب ولا يزال عنده وريحه هو من أطيب الرائحة وعرقه من أطيب الطيب ولم يكن في الدار كنيف تظهر رائحته ولا ريب أن هذه من أعدل المساكن وأنفعها وأوفقها للبدن وحفظ صحتة فصل في تدبيره لأمر النوم واليقظة ومن تدبر نومه ويقظته وجده اعدل نوم وانفعه للبدن والأعضاء والقوى فانه كان ينام أول الليل ويستيقظ أول النصف الثاني فيقوم ويستاك ويتوضأ ويصلى ما كتب الله له فيأخذ البدن والأعضاء والقوى حظها من النوم والراحة وحظها من الرياضة مع وفور الجر وهذا غاية صلاح القلب والبدن والدنيا والآخرة ولم يكن يأخذ من النوم فوق القدر المحتاج إليه ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه منه وكان يفعله على اكمل الوجوه فينام إذا دعته الحاجة إلى النوم على شقه الأيمن ذاكرا الله حتى تغلبه عيناه غير ممتلئ البدن من الطعام والشراب ولا مباشر بجنبه الأرض ولا متخذ للفراش المرتفعة بل له ضجاع من أدم حشوه ليف وكان يضجع على الوسادة ويضع يده تحت خده أحيانا ونحن نذكر فصلا في النوم والنافع منه والضار فنقول النوم حالة للبدن يتبعها غور الحرارة الغريزية والقوى إلى باطن البدن لطلب

No comments: