Friday, August 29, 2008

في الاستفراغ بالقىء


فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الاستفراغ بالقىء

روى الترمذي في جامعه عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن النبي قاء فتوضأ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت له ذلك فقال صدق أنا صببت له وضوءه قال الترمذي وهذا أصح شيء في الباب

القيء أحد الاستفراغات الخمسة التي هي أصول الاستفراغ وهي الإسهال والقىء وإخراج الدم وخروج الأبخرة والعرق وقد جاءت بها السنة أما الإسهال فقد مر في حديث خير ما تداويتم به المشي وفي حديث السناء وإما أخراج الدم فقد تقدم في أحاديث الحجامة وأما استفراغ الأبخرة فتذكره عقيب هذا الفصل إن شاء الله وإما الاستفراغ بالعرق فلا يكون غالبا بالفصد بل بدفع الطبيعة له إلى ظاهر الجسد فتصادف المسام مفتحة فيخرج منها والقىء استفراغ من أعلىالمعدة والحقنة من أسفلها والدواء من أعلاها وأسفلها والقيء نوعان نوع بالغلبة والهيجان ونوع بالاستدعاء والطلب فأما الأول فلا يسوغ حبسه ودفعه إلا إذا أفرط وخيف منه التلف فيقطع بالأشياء التي تمسكه وأما الثاني فأنفعه عند الحاجة إذا روعي زمانه وشروطه التي تذكر وأسباب القىء عشرة احدها غلبة المرة الصفراء وطفوها على رأس المعدة فتطلب الصعود الثاني من غلبة بلغم لزج قد تحرك في المعدة واحتاج إلى الخروج الثالث أن يكون من ضعف المعدة في ذاتها فلا تهضم الطعام فتقذفه إلى جهة فوق الرابع أن يخالطها خلط ردىء ينصب إليها فيسيء هضمها ويضعف فعلها الخامس أن يكون من زيادة المأكول أو المشروب على القدر الذي تحتمله المعدة فتعجز عن إمساكه فتطلب دفعة وقذفه

السادس أن يكون من عدم موافقة المأكول والمشروب لها وكراهتها له فتطلب دفعه وقذفه السابع أن يحصل فيها ما يثور الطعام بكيفيته وطبيعته فتقذف به الثامن القرف وهو موجب غثيان النفس وتهوعها التاسع من الأعراض النفسانية كالهم الشديد والغم والحزن وغلبة اشتغال الطبيعة والقوي الطبيعة به واهتمامها بوروده عن تدبير البدن وإصلاح الغذاء وإنضاجه وهضمه فتقذفه المعدة وقد يكون لأجل تحرك الأخلاط عند تخبط النفس فإن كل واحد من النفس والبدن يتفعل عن صاحبه ويؤثر كيفيته في كيفيته العاشر نقل الطبيعة بأن يرى من يتقيأ فيغلبه هو القىء من غير استدعاء فإن الطبيعة نقالة وأخبرني بعض حذاق الأطباء قال كان لي ابن أخت حذق في الكحل فجلس كحالا فكان إذا فتح عين الرجل ورأى الرمد وكحله رمد وتكرر ذلك منه فترك الجلوس قلت له فما سبب ذلك قال نقل الطبيعة فإنها نقالة قال وأعرف آخر كان رأى خراجا في موضع من جسم رجل يحكه فحك هو ذلك الموضع فخرجت فيه خراجة قلت وكل هذا لا بد فيه من استعداد الطبيعة وتكون المادة ساكنة فيها غير متحركة فتتحرك لسبب من هذه الأسباب فهذه اسباب لتحرك المادة لا أنها هي الموجهة لهذا العارض فصل ولما كانت الأخلاط في البلاد الحارة والأزمنة الحارة ترق وتنجذب إلى فوق كان القىء فيها أنفع ولما كانت في الأزمنة الباردة والبلاد تغلظ ويصعب جذبها إلى فوق كان استفراغها بالإسهال أنفع

وإزالة الأخلاط ودفعها يكون بالجذب والاستفراغ والجذب يكون من أبعد الطرق والاستفراغ من أقربها والفرق بينهما أن المادة إذا كانت عاملة في الانصباب او الترقي لم تستقر بعد فهي محتاجة إلى الجذب فإن كانت متصاعدة جذبت من أسفل وإن كانت منصبة جذبت من فوق وأما إذا استقرت في موضعها استفرغت من أقرب الطرق إليها فمتى أضرت المادة بالأعضاء العليا اجتذبت من أسفل ومتى أضرت بالأعضاء السفلى اجتذبت من فوق ومتى استقرت استفرغت من أقرب مكان إليها ولهذا احتجم النبي صلى الله عليه وسلم على كاهله تارة وفي رأسه أخرى وعلى ظهر قدمه تارة فكان يستفرغ مادة الدم المؤذي من أقرب مكان إليه والله أعلم فصل والقىء ينقى المعدة ويقويها ويحد البصر ويزيل ثقل الرأس وينفع قروح الكلى والمثانة والأمراض المزمنة كالجذام والاستسقاء والفالج والرعشة وينفع اليرقان وينبغى أن يستعمله الصحيح في الشهر مرتين متواليتين من غير حفظ دور ليتدراك الثاني ما قصر عنه الأول وينقي الفضلات التي انصبت بسببه والإكثار منه يضر المعدة ويجعلها قابلة للفضول ويضر بالأسنان والبصر والسمع وربما صدع عرقا ويجب أن يجتنبه من به ورم في الحلق أو ضعف في الصدر أو دقيق الرقبة أو مستعد لنفث الدم أو عسر الإجابة له وأما ما يفعله كثير من سيىء التدبير وهو أن يمتلىء من الطعام ثم يقذفه ففيه آفات عديدة منها أنه يعجل الهرم ويوقع في أمراض رديئة ويجعل القىء له عادة والقىء مع اليبوسة وضعف الأحشاء وهزال المراق أو ضعف المستقىء خطر وأحمد أوقاته الصيف والربيع دون الشتاء والخريف وينبغي عند القىء أن

يعصب العينين ويقمط البطن ويغسل الوجه بماء بارد عند الفراغ وأن يشرب عقبه شراب التفاح مع يسير من مصطكى وماء الورد ينفعه نفعا بينا والقىء يستفرغ من أعلى المعدة ويجذب من أسفل والإسهال بالعكس قال أبقراط وينبغي أن يكون الاستفراغ في الصيف من فوق أكثر من الأستفراغ بالدواء وفي الشتاء من أسفل

No comments: