وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمر قال قال رسول الله الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة وكان يحرض امته على نكاح الأبكار الحسان وذوات الدين وفي سنن النسائى عن أبى هريرة قال سئل رسول الله أى النساء خير قال التى تسره اذا نظر وتطيعه اذا امر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله وفي الصحيحين عنه عن النبى قال تنكح المرأة لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك وكان يحث على نكاح المولود ويكره المرأة التى لا تلد كما في سنن أبى داود عن معقل بن يسار ان رجلا جاء الى النبى فقال انى اصبت امرأة ذات حسب وجمال وانها لا تلد افاتزوجها قال لا ثم اتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الودود الولود فانى مكاثر بكم الامم وفي الترمذى عنه مرفوعا اربع من سنن المرسلين النكاح والسواك والتعطر والحناء روى في الجامع بالنون والياء وسمعت ابا الحجاج الحافظ يقول الصواب انه الختان وسقطت النون من الحاشية كذلك رواه المحاملى عن شيخ أبى عيسى الترمذى ومما ينبغى تقديمه على الجماع ملاعبته المرأة وتقبيلها ومص لسانها وكان رسول الله يلاعب أهله ويقبلها وروى ابو داود في سننه أنه كان يقبل عائشة ويمص لسانها ويذكر عن جابر بن عبدالله قال نهى رسول الله عن المواقعة قبل الملاعبة وكان رسول الله ربما جامع نساءه كلهن بغسل واحد وربما اغتسل عند كل
واحدة منهن فروى مسلم في صحيحه عن أنس أن النبى كان يطوف على نسائه بغسل واحد وروى ابو داود في سننه عن ابى رافع مولى رسول الله أن رسول الله طاف على نسائه في ليلة فاغتسل عند كل امرأة منهن غسلا فقلت يا رسول الله لو اغتسلت غسلا واحدا فقال هذا أطهر وأطيب وشرع للمجامع اذا اراد العود قبل الغسل الوضوء بين الجماعين كما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله اذا اتى احدكم أهله ثم اراد أن يعود فليوضأ وفي الغسل والوضوء بعد الوطء من النشاط ووطيب النفس واخلاق بعض ما تحلل بالجماع وكمال الطهر والنظافة واجتماع الحار الغريزى الى داخل البدن بعد انتشاره بالجماع وحصول النظافة التى يحبها الله ويبغض خلافها ما هو من أحسن التدبير في الجماع وحفظ الصحة والقوى منه فصل وانفع الجماع ما حصل بعد الهضم وعند اعتدال البدن وفي حره وبرده ويبوسته ورطوبته وخلائه وامتلائه وضرره عند امتلاء البدن أسهل وأقل من ضرره عند خلوه وكذلك ضرره عند كثرة الرطوبة وأقل منه عند اليبوسة وعند حرارته اقل منه عند برودته وانما ينبغى ان يجامع اذا اشتدت الشهوة وحصل الانتشار التام الذى ليس عن تكلف ولا فكر في صورة ولا نظر متتابع ولا ينبغى ان يستدعى الشهوة ويتكلفها ويحمل نفسه عليها وليبادر اليه اذا هاجت به كثرة المنى واشتد شبقه وليحذر جماع العجوز والصغيرة التى لا يوطأ مثلها والتى لا شهوة لها والمريضة والقبيحة المنظر والبغيضة فوطء هؤلاء يوهن القوى ويضعف الجماع بالخاصية وغلط من قال من الاطباء ان جماع الثيب أنفع من جماع البكر واحفظ للصحة وهذا من القياس الفاسد حتى ربما حذر منه بعضهم وهو مخالف لما عليه عقلاء الناس ولما اتفقت عليه الطبيعة والشريعة وفي جماع البكر من الخاصية وكمال التعلق بينها وبين
مجامعها وامتلاء قلبها من محبته وعدم تقسيم هواها بينه وبين غيره ما ليس للثيب وقد قال النبى لجابر هلا تزوجت بكرا وقد جعل الله سبحانه من كمال نساء اهل الجنة من الحور العين انهم لم يطمثهن احد قبل من جعلن له من أهل الجنة وقالت عائشة للنبى أرأيت لو مررت بشجرة قد ارتع فيها وشجرة لم يرتع فيها ففى ايهما كنت ترتع بعيرك قال في التى لم يرتع فيها تريد أنه لم يأخذ بكرا غيرها وجماع المرأة المحبوبة في النفس يقل اضعافه للبدن مع كثرة استفراغه للمنى وجماع البغيضة يحل البدن ويوهن القوى مع قلة استفراغه وجماع الحائض حرام طبعا وشرعا فانه مضر جدا والاطباء قاطبة تحذر منه واحسن اشكال الجماع ان يعلو الرجل المرأة مستفرشا لها وبعد الملاعبة والقبلة وبهذا سميت المرأة فراشا كما قال الولد للفراش وهذا من تمام قوامية الرجل على المرأة كما قال تعالى الرجال قوامون على النساء وكما قيل اذا رمتها كانت فراشا يقلنىوعند فراغى خادم يتملق وقد قال الله تعالى هن لباس لكم وانتم لباس لهن وأكمل اللباس وأسبغه على هذه الحال فان فراش الرجل لباس له وكذلك لحاف المرأة لباس لها فهذا الشكل الفاضل مأخوذ من هذه الآية وبه يحسن موقع استعارة اللباس من كل من الزوجين للاخر وفيه وجه آخر وهو أنها تنعطف عليه أحيانا فتكون عليه كاللباس قال الشاعر اذا ما الضجيع ثنى عطفهتثنت فكانت عليه لباسا وارادأ اشكاله ان تعلوه المرأة وويجامعها على ظهره وهو خلاف الشكل الطبيعى الذى طبع الله عليه الرجل والمرأة بل نوع الذكر والانثى وفيه من المفاسد ان المنى يتعسر خروجه كله فربما بقى في العضو منه بقية فيتعفن ويفسد فيضر وأيضا فربما سال الى الذكر رطوبات من الفرج وايضا فان الرحم لا يتمكن من اشتمال على الماء واجتماعه فيه وانضمامه عليه لتخليق الولد
وأيضا فان المرأة مفعول بها طبعا وشرعا واذا كانت الفاعلة خالفت مقتضى الطبع والشرع وكان أهل الكتاب انما يأتون نسائهم على جنوبهم على حرف ويقولون هو أيسر للمرأة وكانت قريش والانصار تشرح على اقفائهن فعابت اليهود عليهم ذلك فأنزل الله عز وجل نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم وفي الصحيحين عن جابر قال كانت اليهود تقول اذا اتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فانزل الله عز وجل نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم وفي لفط لمسلم ان شاء مجبية وان شاء غير مجبية غير ان ذلك في صمام واحد والمجبية المنكبة على وجهها والصمام الواحد الفرج وهو موضع الحرث والولد واما الدبر فلم يبح قط على لسان نبى من الانبياء ومن نسب الى بعض السلف اباحة وطء الزوجة في دبرها فقد غلط عليه وفي سنن ابى داود عن ابى هريرة قال قال رسول الله ملعون من اتى المرأة في دبرها وفي لفظ أحمد وابن ماجه لا ينظر الله الى رجل جامع امرأته في دبرها وفي لفظ الترمذى وأحمد من أتى حائضا أو امرأته في دبرها أو كاهنا فصدقة فقد كفر بما أنزل على محمد وفي لفظ البيهقى من أتى شيئا من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر وفي مصنف وكيع حدثنى زمعة بن صالح عن ابن طاوس عن أبيه عن عمرو بن دينار عن عبدالله بن يزيد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال رسول الله ان الله لا يستحى من الحق لا تأتوا النساء في اعجازهن وقال مرة في ادبارهن وفى
الترمذى عن طلق بن على قال رسول الله لا تأتوا النساء في اعجازهن فإن الله لا يستحى من الحق وفي الكامل لابن عدى من حديثه عن المحاملى عن سعيد بن يحيى الاموى قال حدثنا محمد بن حمزة عن زيد بن رفيع عن أبى عبيدة عن عبدالله بن مسعود يرفعه لا تأتوا النساء في اعجازهن وروينا من حديث الحسن بن على على الجوهرى عن أبى ذر مرفوعا من أتى الرجال والنساء في أدبارهن فقد كفر وروى إسماعيل بن عياش عن شريك بن أبى صالح عن محمد بن المنكدر عن جابر يرفعه استحيوا من الله فإن الله لا يستحى من الحق لا تأتوا النساء في حشوشهن ورواه الدارقطنى من هذه الطريق ولفظه إن الله لا يستحى من الحق ولا يحل إتيان النساء في حشوشهن وقال البغوى حدثنا هدبة حدثنا همام قال سئل قتادة عن الذى يأتى امرأته في دبرها فقال حدثنى عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن رسول الله قال تلك اللوطية الصغرى وقال الإمام احمد رحمه الله في مسنده حدثنا عبدالرحمن قال حدثنا همام اخبرنا عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فذكره وفي المسند ايضا عن ابن عباس قال انزلت هذه الآية نساءكم حرث لكم في أناس من الأنصار أتو رسول الله فسألوه فقال أتها على كل حال إذا كان في الفرج
وفي المسند أيضا عن ابن عباس قال جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله فقال يا رسول الله هلكت فقال وما الذي أهلكك قال حولت رحلى البارحة قال فلم يرد عليه شيئا فاوحى الله إلى رسوله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم أقبل وأدبر واتق الحيضة والدبر وفي الترمذى عن ابن عباس مرفوعا لا ينظر إلى رجل أتى رجلا أو أمرأة في الدبر وروينا من حديث أبى الحسن بن الحسين بن دوما عن البراء بن عازب يرفعه كفر بالله العظيم عشرة من هذه الأمة القاتل والساحر والديوث وناكح المرأة في دبرها ومانع الزكاة ومن وجد سعة فمات ولم يحج شارب الخمر ولاساعى في الفتن وبائع السلاح من أهل الحرب ومن نكح ذات محرم منه وقال عبدالله بن وهب حدثنا عبدالله بن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر أن رسول الله قال ملعون من يأتى النساء في محاشهن يعنى أدبارهن وفي مسند الحرث بن أبى أسامة من حديث أبى هريرة وابن عباس قالا خطبنا رسول الله قبل وفاته وهى آخر خطبة خطبها بالمدينة حتى لحق بالله عز وجل وعظنا فيها وقال من نكح امرأته في دبرها أو رجلا أو صبيا حشر يوم القيامة وريحة انتن من الجيفة يتأذى به الناس حتى يدخل النار واحبط الله أجره ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا ويدخل في تابوت من نار ويسد عليه بمسامير من نار قال أبو هريرة هذا لمن لم يتب
وذكر أبو نعيم الأصبهانى من حديث خزيمة بن ثابت برفعه إن الله لا يستحى من الحق لا تأتوا النساء في اعجازهن وقال الشافعى أخبرنى عمى محمد بن على بن شافع قال اخبرنى عبدالله بن على ابن السائب عن عمر بن احيحة بن الجلاح عن خزيمة بن ثابت أن رجلا سأل النبى عن إتيان النساء في أدبارهن فقال حلال فلما ولى دعاه فقال كيف قلت في أى الخربتين أو فى أى الخرزتين أوفى أى الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أما من دبرها في دبرها فلا فإن الله لا يستحى من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن قال الربيع فقيل للشافعى فما تقول فقال عمى ثقة وعبد الله بن على ثقة وقد أثنى على الأنصارى خيرا يعنى عمر بن الجلاح وخزيمة ممن لا يشك في ثقته فلست أرخص فيه بل أنهى عنه قلت ومن ههنا نشأ الغلط على من نقل عنه الإباحة من سلف والأئمة فإنهم أباحوا أن يكون الدبر طريقا إلى الوطء في الفرج فيطأ من الدبر لا في الدبر فاشتبه على السامع من نفى أولم يظن بينهما فرقا فهذا الذى أباحه السلف والأئمة فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وافحشه وقد قال تعالى فأتوهن من حيث أمركم الله قال مجاهد سألت بن عباس عن قوله تعالى فأتوهن من حيث أمركم الله فقال تأتيها من حيث
أمرت أن تعتزلها يعنى في الحيض وقال على بن طلحة عنه يقول في الفرج ولا تعده إلى غيره وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دبرها من وجهين احدهما أنه إنما أباح إتيانها في الحرث وهو موضع الولد لا في الحش الذى هو موضع الأذى وموضع الحرث هو المراد من قوله من حيث أمركم الله الآية قال تعالى فأتوا حرثكم انى شئتم وإتيانها في قبلها من دبرها مستفاد من الآية أيضا لأنه قال أنى شئتم أي من حيث شئتم من أمام أو من خلف قال ابن عباس فأتوا حرثكم يعنى الفرج وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى والضرر فما الظن بالحش الذى هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء إلى ادبار الصبيان وأيضا للمرأة حق على الزوج في الوطء وطؤها في دبرها يقوت حقها ولا يقضى وطرها ولا يحصل مقصودها وأيضا فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ولم يخلق له وإنما الذى هيء له الفرج فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعا وأيضا فإن ذلك مضر بالرجل ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم لأن الفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي وأيضا يضر من وجه آخر وهو أحواجه إلى الحركات متعبة جدا لمخالفته للطبيعة وأيضا فأنه محل القذر والنجو فيستقبل الرجل بوجهه ويلابسه
وأيضا فإنه يضر بالمرأة جدا لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع منافر لها غاية المنافرة وأيضا فإنه يحدث الهم والغم والنفرة عن الفاعل والمفعول وأيضا فأنه يسود الوجه ويظلم الصدر ويطمس نور القلب ويكسو الوجه وحشة تصير عليه كالسيماء يعرفها من له أدنى فراسة وأيضا فإنه يوجب النفرة والتباغض الشديد والتقاطع بين الفاعل والمفعول ولا بد وأيضا فإنه يفسد حال الفاعل والمفعول فسادا لا يكاد يرجى بعده صلاح إلا أن يشاء الله بالتوبة النصوح وأيضا فإنه يذهب بالمحاسن منهما ويكسوهما ضدها كما يذهب بالمودة بينهما ويبدلهما به التباغض وتلاعنا وأيضا فإنه من أكبر أسباب زوال النعم وحلول النقم فانه يوجب اللعنه والمقت من الله وأعراضه عن فاعله وعدم نظره إليه فاى خير يرجوه بعد هذا وأى شر يأمنه وكيف حياة عبد قد حلت عليه لعنة الله ومقته وأعرض عنه بوجهه ولم ينظر إليه وأيضا فانه يذهب بالحياء جملة والحياء هو حياة القلوب فإذا فقدها القلب استحسن القبيح واستقبح الحسن وحينئذ فقد استحكم الفساد وأيضا فإنه يحيل الطباع عما ركبها الله عليه ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركب الله عليه شيئا من الحيوان بل هو طبع منكوس وإذا نكس الطبع نتكس القلب والعمل والهدى فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ويفسد حاله وعمله وكلامه بغير اختباره وأيضا فإنه يورق من الوقاحة والجرأة ما لا يورثه سواه وأيضا فإنه يورث من المهانة والسفال والحقارة ما لا يورثه غيره وأيضا فإنه يكسو العبد من حلة المقت والبغضاء وازدراء الناس له
واحتقارهم إياه واستصغارهم له ما هو مشاهد بالحس فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به فصل والجماع الضار نوعان ضار شرعا وضار طبعا فالضار شرعا المحرم وهو مراتب بعضها أشد من بعض والتحريم العارض منه أخف من اللازم كتحريم الإحرام والصيام والاعتكاف وتحريم المظاهر منها قبل التكفير وتحريم وطء الحائض ونحو ذلك ولهذا لا حد في هذا الجماع وأما اللازم فنوعان نوع لا سبيل إلى حله البتة كذوات المحارم فهذا من أضر الجماع وهو يوجب القتل حدا عن طائفة من العلماء كأحمد بن حنبل رحمه الله وغيره وفيه حديث مرفوع ثابت والثانى ما يمكن أن يكون حالا كالأجنبية فإن كانت ذوات زوج ففى وطئها حقان حق لله وحق الزوج فأن كانت مكرهة ففيه ثلاث حقوق وإن كان لها أهل واقارب يلحقهم العار بذلك صار فيه أربعة حقوق فإن كانت ذات محرم منه صار فيه خمسة حقوق فمضره هذا النوع بجسب درجاته في التحريم اما الضار طبعا فنوعان أيضا نوع ضار بكيفيته كما تقدم ونوع ضار بكميته كالإكثار منه فإنه يسقط القوة ويضر بالعصب ويحدث الرعشة والفالج والتشنج ويضعف البصر وسائر القوى ويطفىء الحرارة الغريزية ويوسع المجارى ويجعلها مستعدة للفضلات المؤذية وأنفع أوقاته ما كان بعد انهضام الغذاء في المعدة وفى زمان معتدل لا على جوع فإنه يضعف الحار الغريزي ولا على شبع فإنه يوجب امراضا سددية ولا على تعب ولا إثر حمام ولا استفاغ ولا انفعال نفسانى كالغم والهم والحزن وشدة الفرح وأجود أوقاته بعد هزيع من الليل إذا صادف انهضام الطعام ثم يغتسل او يتوطأ
وينام عقبه فيرجع إليه قواه وليحذر الحركةوالرياضة عقبه فانها مضرة جدا
واحدة منهن فروى مسلم في صحيحه عن أنس أن النبى كان يطوف على نسائه بغسل واحد وروى ابو داود في سننه عن ابى رافع مولى رسول الله أن رسول الله طاف على نسائه في ليلة فاغتسل عند كل امرأة منهن غسلا فقلت يا رسول الله لو اغتسلت غسلا واحدا فقال هذا أطهر وأطيب وشرع للمجامع اذا اراد العود قبل الغسل الوضوء بين الجماعين كما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله اذا اتى احدكم أهله ثم اراد أن يعود فليوضأ وفي الغسل والوضوء بعد الوطء من النشاط ووطيب النفس واخلاق بعض ما تحلل بالجماع وكمال الطهر والنظافة واجتماع الحار الغريزى الى داخل البدن بعد انتشاره بالجماع وحصول النظافة التى يحبها الله ويبغض خلافها ما هو من أحسن التدبير في الجماع وحفظ الصحة والقوى منه فصل وانفع الجماع ما حصل بعد الهضم وعند اعتدال البدن وفي حره وبرده ويبوسته ورطوبته وخلائه وامتلائه وضرره عند امتلاء البدن أسهل وأقل من ضرره عند خلوه وكذلك ضرره عند كثرة الرطوبة وأقل منه عند اليبوسة وعند حرارته اقل منه عند برودته وانما ينبغى ان يجامع اذا اشتدت الشهوة وحصل الانتشار التام الذى ليس عن تكلف ولا فكر في صورة ولا نظر متتابع ولا ينبغى ان يستدعى الشهوة ويتكلفها ويحمل نفسه عليها وليبادر اليه اذا هاجت به كثرة المنى واشتد شبقه وليحذر جماع العجوز والصغيرة التى لا يوطأ مثلها والتى لا شهوة لها والمريضة والقبيحة المنظر والبغيضة فوطء هؤلاء يوهن القوى ويضعف الجماع بالخاصية وغلط من قال من الاطباء ان جماع الثيب أنفع من جماع البكر واحفظ للصحة وهذا من القياس الفاسد حتى ربما حذر منه بعضهم وهو مخالف لما عليه عقلاء الناس ولما اتفقت عليه الطبيعة والشريعة وفي جماع البكر من الخاصية وكمال التعلق بينها وبين
مجامعها وامتلاء قلبها من محبته وعدم تقسيم هواها بينه وبين غيره ما ليس للثيب وقد قال النبى لجابر هلا تزوجت بكرا وقد جعل الله سبحانه من كمال نساء اهل الجنة من الحور العين انهم لم يطمثهن احد قبل من جعلن له من أهل الجنة وقالت عائشة للنبى أرأيت لو مررت بشجرة قد ارتع فيها وشجرة لم يرتع فيها ففى ايهما كنت ترتع بعيرك قال في التى لم يرتع فيها تريد أنه لم يأخذ بكرا غيرها وجماع المرأة المحبوبة في النفس يقل اضعافه للبدن مع كثرة استفراغه للمنى وجماع البغيضة يحل البدن ويوهن القوى مع قلة استفراغه وجماع الحائض حرام طبعا وشرعا فانه مضر جدا والاطباء قاطبة تحذر منه واحسن اشكال الجماع ان يعلو الرجل المرأة مستفرشا لها وبعد الملاعبة والقبلة وبهذا سميت المرأة فراشا كما قال الولد للفراش وهذا من تمام قوامية الرجل على المرأة كما قال تعالى الرجال قوامون على النساء وكما قيل اذا رمتها كانت فراشا يقلنىوعند فراغى خادم يتملق وقد قال الله تعالى هن لباس لكم وانتم لباس لهن وأكمل اللباس وأسبغه على هذه الحال فان فراش الرجل لباس له وكذلك لحاف المرأة لباس لها فهذا الشكل الفاضل مأخوذ من هذه الآية وبه يحسن موقع استعارة اللباس من كل من الزوجين للاخر وفيه وجه آخر وهو أنها تنعطف عليه أحيانا فتكون عليه كاللباس قال الشاعر اذا ما الضجيع ثنى عطفهتثنت فكانت عليه لباسا وارادأ اشكاله ان تعلوه المرأة وويجامعها على ظهره وهو خلاف الشكل الطبيعى الذى طبع الله عليه الرجل والمرأة بل نوع الذكر والانثى وفيه من المفاسد ان المنى يتعسر خروجه كله فربما بقى في العضو منه بقية فيتعفن ويفسد فيضر وأيضا فربما سال الى الذكر رطوبات من الفرج وايضا فان الرحم لا يتمكن من اشتمال على الماء واجتماعه فيه وانضمامه عليه لتخليق الولد
وأيضا فان المرأة مفعول بها طبعا وشرعا واذا كانت الفاعلة خالفت مقتضى الطبع والشرع وكان أهل الكتاب انما يأتون نسائهم على جنوبهم على حرف ويقولون هو أيسر للمرأة وكانت قريش والانصار تشرح على اقفائهن فعابت اليهود عليهم ذلك فأنزل الله عز وجل نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم وفي الصحيحين عن جابر قال كانت اليهود تقول اذا اتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فانزل الله عز وجل نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم وفي لفط لمسلم ان شاء مجبية وان شاء غير مجبية غير ان ذلك في صمام واحد والمجبية المنكبة على وجهها والصمام الواحد الفرج وهو موضع الحرث والولد واما الدبر فلم يبح قط على لسان نبى من الانبياء ومن نسب الى بعض السلف اباحة وطء الزوجة في دبرها فقد غلط عليه وفي سنن ابى داود عن ابى هريرة قال قال رسول الله ملعون من اتى المرأة في دبرها وفي لفظ أحمد وابن ماجه لا ينظر الله الى رجل جامع امرأته في دبرها وفي لفظ الترمذى وأحمد من أتى حائضا أو امرأته في دبرها أو كاهنا فصدقة فقد كفر بما أنزل على محمد وفي لفظ البيهقى من أتى شيئا من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر وفي مصنف وكيع حدثنى زمعة بن صالح عن ابن طاوس عن أبيه عن عمرو بن دينار عن عبدالله بن يزيد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال رسول الله ان الله لا يستحى من الحق لا تأتوا النساء في اعجازهن وقال مرة في ادبارهن وفى
الترمذى عن طلق بن على قال رسول الله لا تأتوا النساء في اعجازهن فإن الله لا يستحى من الحق وفي الكامل لابن عدى من حديثه عن المحاملى عن سعيد بن يحيى الاموى قال حدثنا محمد بن حمزة عن زيد بن رفيع عن أبى عبيدة عن عبدالله بن مسعود يرفعه لا تأتوا النساء في اعجازهن وروينا من حديث الحسن بن على على الجوهرى عن أبى ذر مرفوعا من أتى الرجال والنساء في أدبارهن فقد كفر وروى إسماعيل بن عياش عن شريك بن أبى صالح عن محمد بن المنكدر عن جابر يرفعه استحيوا من الله فإن الله لا يستحى من الحق لا تأتوا النساء في حشوشهن ورواه الدارقطنى من هذه الطريق ولفظه إن الله لا يستحى من الحق ولا يحل إتيان النساء في حشوشهن وقال البغوى حدثنا هدبة حدثنا همام قال سئل قتادة عن الذى يأتى امرأته في دبرها فقال حدثنى عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن رسول الله قال تلك اللوطية الصغرى وقال الإمام احمد رحمه الله في مسنده حدثنا عبدالرحمن قال حدثنا همام اخبرنا عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فذكره وفي المسند ايضا عن ابن عباس قال انزلت هذه الآية نساءكم حرث لكم في أناس من الأنصار أتو رسول الله فسألوه فقال أتها على كل حال إذا كان في الفرج
وفي المسند أيضا عن ابن عباس قال جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله فقال يا رسول الله هلكت فقال وما الذي أهلكك قال حولت رحلى البارحة قال فلم يرد عليه شيئا فاوحى الله إلى رسوله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم أقبل وأدبر واتق الحيضة والدبر وفي الترمذى عن ابن عباس مرفوعا لا ينظر إلى رجل أتى رجلا أو أمرأة في الدبر وروينا من حديث أبى الحسن بن الحسين بن دوما عن البراء بن عازب يرفعه كفر بالله العظيم عشرة من هذه الأمة القاتل والساحر والديوث وناكح المرأة في دبرها ومانع الزكاة ومن وجد سعة فمات ولم يحج شارب الخمر ولاساعى في الفتن وبائع السلاح من أهل الحرب ومن نكح ذات محرم منه وقال عبدالله بن وهب حدثنا عبدالله بن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر أن رسول الله قال ملعون من يأتى النساء في محاشهن يعنى أدبارهن وفي مسند الحرث بن أبى أسامة من حديث أبى هريرة وابن عباس قالا خطبنا رسول الله قبل وفاته وهى آخر خطبة خطبها بالمدينة حتى لحق بالله عز وجل وعظنا فيها وقال من نكح امرأته في دبرها أو رجلا أو صبيا حشر يوم القيامة وريحة انتن من الجيفة يتأذى به الناس حتى يدخل النار واحبط الله أجره ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا ويدخل في تابوت من نار ويسد عليه بمسامير من نار قال أبو هريرة هذا لمن لم يتب
وذكر أبو نعيم الأصبهانى من حديث خزيمة بن ثابت برفعه إن الله لا يستحى من الحق لا تأتوا النساء في اعجازهن وقال الشافعى أخبرنى عمى محمد بن على بن شافع قال اخبرنى عبدالله بن على ابن السائب عن عمر بن احيحة بن الجلاح عن خزيمة بن ثابت أن رجلا سأل النبى عن إتيان النساء في أدبارهن فقال حلال فلما ولى دعاه فقال كيف قلت في أى الخربتين أو فى أى الخرزتين أوفى أى الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أما من دبرها في دبرها فلا فإن الله لا يستحى من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن قال الربيع فقيل للشافعى فما تقول فقال عمى ثقة وعبد الله بن على ثقة وقد أثنى على الأنصارى خيرا يعنى عمر بن الجلاح وخزيمة ممن لا يشك في ثقته فلست أرخص فيه بل أنهى عنه قلت ومن ههنا نشأ الغلط على من نقل عنه الإباحة من سلف والأئمة فإنهم أباحوا أن يكون الدبر طريقا إلى الوطء في الفرج فيطأ من الدبر لا في الدبر فاشتبه على السامع من نفى أولم يظن بينهما فرقا فهذا الذى أباحه السلف والأئمة فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وافحشه وقد قال تعالى فأتوهن من حيث أمركم الله قال مجاهد سألت بن عباس عن قوله تعالى فأتوهن من حيث أمركم الله فقال تأتيها من حيث
أمرت أن تعتزلها يعنى في الحيض وقال على بن طلحة عنه يقول في الفرج ولا تعده إلى غيره وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دبرها من وجهين احدهما أنه إنما أباح إتيانها في الحرث وهو موضع الولد لا في الحش الذى هو موضع الأذى وموضع الحرث هو المراد من قوله من حيث أمركم الله الآية قال تعالى فأتوا حرثكم انى شئتم وإتيانها في قبلها من دبرها مستفاد من الآية أيضا لأنه قال أنى شئتم أي من حيث شئتم من أمام أو من خلف قال ابن عباس فأتوا حرثكم يعنى الفرج وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى والضرر فما الظن بالحش الذى هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء إلى ادبار الصبيان وأيضا للمرأة حق على الزوج في الوطء وطؤها في دبرها يقوت حقها ولا يقضى وطرها ولا يحصل مقصودها وأيضا فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ولم يخلق له وإنما الذى هيء له الفرج فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعا وأيضا فإن ذلك مضر بالرجل ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم لأن الفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي وأيضا يضر من وجه آخر وهو أحواجه إلى الحركات متعبة جدا لمخالفته للطبيعة وأيضا فأنه محل القذر والنجو فيستقبل الرجل بوجهه ويلابسه
وأيضا فإنه يضر بالمرأة جدا لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع منافر لها غاية المنافرة وأيضا فإنه يحدث الهم والغم والنفرة عن الفاعل والمفعول وأيضا فأنه يسود الوجه ويظلم الصدر ويطمس نور القلب ويكسو الوجه وحشة تصير عليه كالسيماء يعرفها من له أدنى فراسة وأيضا فإنه يوجب النفرة والتباغض الشديد والتقاطع بين الفاعل والمفعول ولا بد وأيضا فإنه يفسد حال الفاعل والمفعول فسادا لا يكاد يرجى بعده صلاح إلا أن يشاء الله بالتوبة النصوح وأيضا فإنه يذهب بالمحاسن منهما ويكسوهما ضدها كما يذهب بالمودة بينهما ويبدلهما به التباغض وتلاعنا وأيضا فإنه من أكبر أسباب زوال النعم وحلول النقم فانه يوجب اللعنه والمقت من الله وأعراضه عن فاعله وعدم نظره إليه فاى خير يرجوه بعد هذا وأى شر يأمنه وكيف حياة عبد قد حلت عليه لعنة الله ومقته وأعرض عنه بوجهه ولم ينظر إليه وأيضا فانه يذهب بالحياء جملة والحياء هو حياة القلوب فإذا فقدها القلب استحسن القبيح واستقبح الحسن وحينئذ فقد استحكم الفساد وأيضا فإنه يحيل الطباع عما ركبها الله عليه ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركب الله عليه شيئا من الحيوان بل هو طبع منكوس وإذا نكس الطبع نتكس القلب والعمل والهدى فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ويفسد حاله وعمله وكلامه بغير اختباره وأيضا فإنه يورق من الوقاحة والجرأة ما لا يورثه سواه وأيضا فإنه يورث من المهانة والسفال والحقارة ما لا يورثه غيره وأيضا فإنه يكسو العبد من حلة المقت والبغضاء وازدراء الناس له
واحتقارهم إياه واستصغارهم له ما هو مشاهد بالحس فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به فصل والجماع الضار نوعان ضار شرعا وضار طبعا فالضار شرعا المحرم وهو مراتب بعضها أشد من بعض والتحريم العارض منه أخف من اللازم كتحريم الإحرام والصيام والاعتكاف وتحريم المظاهر منها قبل التكفير وتحريم وطء الحائض ونحو ذلك ولهذا لا حد في هذا الجماع وأما اللازم فنوعان نوع لا سبيل إلى حله البتة كذوات المحارم فهذا من أضر الجماع وهو يوجب القتل حدا عن طائفة من العلماء كأحمد بن حنبل رحمه الله وغيره وفيه حديث مرفوع ثابت والثانى ما يمكن أن يكون حالا كالأجنبية فإن كانت ذوات زوج ففى وطئها حقان حق لله وحق الزوج فأن كانت مكرهة ففيه ثلاث حقوق وإن كان لها أهل واقارب يلحقهم العار بذلك صار فيه أربعة حقوق فإن كانت ذات محرم منه صار فيه خمسة حقوق فمضره هذا النوع بجسب درجاته في التحريم اما الضار طبعا فنوعان أيضا نوع ضار بكيفيته كما تقدم ونوع ضار بكميته كالإكثار منه فإنه يسقط القوة ويضر بالعصب ويحدث الرعشة والفالج والتشنج ويضعف البصر وسائر القوى ويطفىء الحرارة الغريزية ويوسع المجارى ويجعلها مستعدة للفضلات المؤذية وأنفع أوقاته ما كان بعد انهضام الغذاء في المعدة وفى زمان معتدل لا على جوع فإنه يضعف الحار الغريزي ولا على شبع فإنه يوجب امراضا سددية ولا على تعب ولا إثر حمام ولا استفاغ ولا انفعال نفسانى كالغم والهم والحزن وشدة الفرح وأجود أوقاته بعد هزيع من الليل إذا صادف انهضام الطعام ثم يغتسل او يتوطأ
وينام عقبه فيرجع إليه قواه وليحذر الحركةوالرياضة عقبه فانها مضرة جدا
No comments:
Post a Comment