Sunday, August 31, 2008

حرف الميم


من الأدوية والأغذية المفردة التى جاءت على لسانه مرتبة على حروف المعجم حرف الميم

ماء مادة الحياة وسيد الشراب واحد اركان العالم بل ركنه

الأصلى فان السموات خلقت من بخاره والأرض من زبده وقد جعل الله منه كل شىء حى وقد اختلف فيه هل يغذو أو ينفذ الغذاء فقط على قولين وقد تقدما وذكرنا القول الراجح ودليله وهو بارد رطب يقمع الحرارة ويحفظ على البدن رطوباته ويرد عليه بدل ما تحلل منه ويرقق الغذاء وينفذه في العروق وتعتبر جودة الماء من عشرة طرق أحدها من لونه بأن يكون صافيا والثانى من رائحته بان لا يكون له رائحة البتة الثالث من طعمه بان يكون عذب الطعم حلوه كماء النيل والفرات الرابع من وزنه بان يكون خفيفا رقيق القوام الخامس من مجراه بان يكون طيب المجرى والمسلك السادس من منبعه بان يكون بعيد المنبع السابع من بروزه للشمس والريح بان لا يكون مختفيا تحت الأرض فلا تتمكن الشمس والريح من قصارته الثامن من حركته بان يكون سريع الجرى والحركة التاسع من كثرته بان يكون له كثرة تدفع الفضلات المخالطة له العاشر من مصبه بان يكون آخذا من الشمال الى الجنوب أو من المغرب الى المشرق واذا اعتبرت هذه الأوصاف لم تجدها بكمالها الا في الأنهار الأربعة النيل والفرات وسيحون وجيحون وفي الصحيحين من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله سيحان وجيحان والنيل والفرات كلها من أنهار الجنة وتعتبر خفة الماء من ثلاثة أوجه أحدها سرعة القبول للحر والبرد قال أبقراط

الماء الذى يسخن سريعا ويبرد سريعا اخف الماء الثانى بالميزان الثالث ان تبل قطنتان متساويتان الوزن بماءين مختلفين ثم يجففا بالغا ثم توزنا فأيهما كانت اخف فماؤها كذلك والماء وان كان في الاصل باردا رطبا فان قوته تنتقل وتتغير لاسبالب عارضة توجب انفعالها فان الماء المكشوف للشمال المستور عن الجهات الاخر يكون باردا وفيه يبس مكتسب من ريح الشمال وكذلك الحكم على سائر الجهات الأخر والماء الذي ينبع من المعادن يكون على طبيعة ذلك المعدن ويؤثر في البدن تاثيره والماء العذب نافع للمرضى والاصحاء والبارد منه أنفع والذ ولا ينبغى شربه على الريق ولا عقيب الجماع ولا الانتباه من النوم ولا عقيب الحمام ولا عقيب اكل الفاكهة وقد تقدم واما على الطعام فلا بأس به إذا اضطر إليه بل يتعين ولا يكثر منه بل يتمصصه مصا فإنه لا يضره البتة بل يقوى المعدة وينهض الشهوة ويزيل العطش والماء الفاتر ينفخ ويفعل ضد ما ذكرناه وبائته اجود من طريه وقد تقدم والبارد ينفع من داخل أكثر من نفعه من خارج والحار بالعكس وينفع البارد من عفونة الدم وصعود الأبخرة إلى الرأس ويدفع العفونات ويوافق الأمزجة والأسنان والازمان والاماكن الحارة ويضر على كل حالة تحتاج إلى نضج وتحليل كالزكام والأورام والشديد البرودة منه يؤذى الاسنان والادمان عليه يحدث انفجار الدم والنزلات وأوجاع الصدر والبارد والحار بافراط ضاران للعصب ولأكثر الأعضاء لأن أحدهما محلل والاخر مكثف والماء الحار يسكن لذع الأخلاط الحارة ويحلل وينضج ويخرج الفضول

ويرطب ويسخن ويفسد الهضم شربه ويطفو بالطعام إلى أعلى المعدة ويرخيها ولا يسرع في تسكين العطش ويذبل البدن ويؤدى الى امراض رديئة ويضر في اكثر الأمراض على انه صالح للشيوخ واصحاب الصرع والصداع البارد والرمد وانفع ما استعمل من خارج ولا يصح في الماء المسخن بالشمس حديث ولا أثر ولا كرهه أحد من قدماء الأطباء ولا عابه والشديد السخونة يذيب شحم الكلى وقد تقدم الكلام على ماء الأمطار في حرف الغين ماء الثلج والبرد ثبت في الصحيحين عن النبى انه كان يدعو في الاستفتاح وغيره اللهم اغسلنى من خطاياى بماء الثلث والبرد الثلج له نفسه كيفية حادة دخانية فماؤه كذلك وقد تقدم وجه الحكمة في طلب الغسل من الخطايا بمائه لما يحتاج إليه القلب من التبريد والتصليب والتقوية ويستفاد من هذا أصل طب الابدان والقلوب ومعالجة أدوائها بضدها وماء البرد ألطف والذ من ماء الثلج واما ماء الجمد وهو الجليد فبحسب أصله والثلج يكتسب كيفية الجبال والأرض التى يسقط عليها في الجودة والرداءة وينبغى تجنب شرب الماء المثلوج عقيب الحمام والجماع والرياضة والطعام الحار لأصحاب السعال ووجع الصدر وضعف الكبد واصحاب الأمزجة الباردة ماء الآبار والقنى مياه الآبار قليلة اللطافة وماء القنى المدفونة تحت الأرض

ثقيل لأن احدهما محتقن لا يخلو عن التعفن والآخر محجوب عن الهواء وينبغى أن لا يشرب على الفور حتى يصمد للهواء وتأتى عليه ليلة وأردؤه ما كانت مجاريه من رصاص أو كانت بئرة معطلة ولا سيما اذا كانت تربتها رديئة فهذا الماء وبىء وخيم ماء زمزم سيد المياه وأشرفها وأجلها قدرا واحبها إلى النفوس واغلاها ثمنا وانفسها عند الناس وهو هزمة جبرائيل وسقيا إسماعيل وثبت في الصحيحين عن النبى أنه قال لأبى ذر وقد أقام بين الكعبة وأستارها أربعين ما بين يوم وليلة وليس له طعام غيره فقال النبى إنها طعام طعم وزاد غير مسلم باسناده وشفاء سقم وفي سنن ابن ماجه من حديث جابر بن عبدالله رضى الله عنه عن النبى أنه قال ماء زمزم لما شرب له وقد ضعف هذا الحديث طائفة بعبد الله بن المؤمل رواية عن محمد بن مسلم المكى وقد روينا عن عبدالله بن المبارك أنه لما حج أتى زمزم فقال اللهم ان ابن أبى الموالى حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر رضى الله عنه عن نبيك انه قال ماء زمزم لما شرب له فإنى أشرب لظماء يوم القيامة وابن ابى الموالى ثقة فالحديث أذا حسن وقد صححه بعضهم وجعله بعضهم موضوعا وكلا القولين فيه مجازفة

وقد جربت أنا وغيرى من الاستسقاء بماء زمزم امورا عجيبة واستشفيت به من عدة أمراض فبرأت بإذن الله وشاهدت من يتغذى به الايام ذوات العدد قريبا من نصف الشهر او اكثر ولا يجد جوعا ويطوف مع الناس كأحدهم وأخبرنى أنه ربما بقى عليه أربعين يوما وكان له قوة يجامع بها أهله ويصوم ويطوف مرارا ماء النيل احد انهار الجنة أصله من وراء جبال القمر في أقصى بلاد الحبشة من أمطار تجتمع هنالك وسيول يمد بعضها بعضا فيسوقه الله تعالى إلى الأرض الجزر التى لا نبات لها فيخرج به زرعا تأكل منه الانعام والأنام ولما كانت الأرض التى يسوقه إليها ابليزا صلبة ان امطرت مطر العادة لم ترو ولم تهيأ للنبات وان امطرت فوق العادة ضرت المساكن والساكن وعطلت المعايش والمصالح فأمطر البلاد البعيدة ثم ساق تلك الامطار الى هذه الأرض في نهر عظيم وجعل سبحانه زيادته في أوقات معلومة على قدر رى البلاد وكفايتها فاذا روى البلاد وعمها أذن الله سبحانه وتعالى بتناقصه وهبوطه لتتم المصلحة بالتمكن من الزرع واجتمع في هذا الماء الامور العشرة التى تقدم ذكرها وكان من ألطف المياه واخفها وأعذبها وأحلاها ماء البحر ثبت عن النبى أنه قال في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته وقد جعل الله سبحانه ملحا اجاجا مرا زعاقا لتمام مصالح من هو على وجه الأرض من الآدميين والبهائم فانه دائم راكد كثير الحيوان وهويموت فيه كثيرا ولا يقبر فلو كان حلوا لأنتن من أقامته وموت حيوانه في وأجاف وكان الهواء المحيط بالعالم يكتسب منه ذلك وينتن ويجيف فيفسد العالم فاقتضت حمكة الرب سبحانه وتعالى أن جعله كالملاحة التى لو القى فيه جيف العالم كلها وانتانه وامواته لم تغيره شيئا ولا يتغير على مكثه من حين خلق وإلى أن يطوى الله العالم فهذا هو السبب الغائى الموجب لملوحته وأما الفاعلى فكون أرضه سبخة مالحة

وبعد فالاغتسال به نافع من آفات عديدة في ظاهر الجلد وشربه مضر بداخله وخارجه فانه يطلق البطن ويهزل ويحدث حكة وجربا ونفخا وعطشا ومن اضطر الى شربه فله طرق من العلاج يدفع به مضرته منها أن يجعل في قدر ويجعل فوق القدر قصبات عليها صوف جديد منفوش ويوقد تحت القدر حتى يرتفع بخارها إلى الصوف فإذا كثر عصره ولا يزال يفعل ذلك حتى يجتمع له ما يريد فيحصل في الصوف من البخار ما عذب ويبقى في القدر الزعاق ومنها ان يحفر على شاطئه حفرة واسعة يرشح ماؤه إليها ثم إلى جانبها قريبا منها آخرى ترشح اليها ثم ثالثة ألى ان يعذب الماء واذا ألجأته الضرورة الى شرب الماء الكدر فعلاجه ان يلقى فيه نوى المشمش أو قطعة من خشب الساج أو جمرا ملتهبا يطفأ فيه أو طينا ارمنيا أو سويق حنطة فان كدرته ترسب الى أسفل مسك ثبت في صحيح مسلم عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى انه قال أطيب الطيب المسك وفي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها كنت أطيب النبى قبل ان يحرم ويوم النحر وقبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك المسك ملك انواع الطيب وأشرفها واطيبها وهو الذى يضرب به الأمثال ويشبه به غيره ولا يشبه بغيره وهو كثبان الجنة وهو حار يابس في الثانية يسر النفس ويقويها ويقوى الأعضاء الباطنة جميعها شربا وشما والظاهرة اذا وضع عليها نافع للمشايخ والمبرودين المرطوبين لا سيما زمن الشتاء جيد للغشى والخفقان وضعف القوة بإنعاشه للحرارة الغريزية ويجلو بياض العين

وينشف رطوبتها ويفش الرياح منها ومن جميع الأعضاء ويبطل عمل السموم وينفع من نهش الأفاعى ومنافعه كثيرة جدا وهو أقوى المفرحات مرزبحوش ورد في حديث لا نعلم صحته عليكم بالمرزبحوش فانه جيد للخشام والخشام الزكام وهو حار في الثالثة يابس في الثانية ينفع شمه من الصداع البارد والكائن عن البلغم والسوداء والزكام والرياح الغليظة ويفتح السدد الحادثة في الرأس والمنخرين ويحلل أكثر الأورام الباردة فينفع من أكثر الأورام والأوجاع الباردة الرطبة واذا احتمل أدر الطمث واعان على الحبل واذا دق ورقه اليابس وكمد به أذهب آثار الدم العارضة تحت العين وغذا ضند به مع الخل نفع لسعة العقرب ودهنه نافع لوجع الظهر والركبتين ويذهب الاعياء ومن أدمن شمه لم ينزل في عينه الماء واذا استعط بمائه مع دهن اللوز المر فتح سدد المنخرين ونفع من الريح العارضة فيها وفي الرأس ملح وروى ابن ماجة في سننه من حديث أنس يرفعه سيد أدامكم الملح وسيد الشىء هو الذى يصلحه ويقوم عليه وغالب الادام انما يصلح بالملح وفي مسند البزار مرفوعا سيوشك أن تكون في الناس كالملح في الطعام ولا يصلح الطعام الا بالملح

وذكر البغوى في تفسيره عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما مرفوعا ان الله أنزل اربع بركات من السماء الى الأرض الحديد والنار والماء والملح والموقوف أشبه الملح يصلح أجسام الناس واطعمتهم ويصلح كل شىء يخالطه حتى الذهب والفضة وذلك أن فيه قوة تزيد الذهب صفرة والفضة بياضا وفيه جلاء وتحليل واذهاب للرطوبات الغليظة وتنشيف لها وتقوية للبدان ومنع من عفونتها وفسادها ونفع من الجرب المتقرح واذا اكتحل به قلع اللحم الزائد من العين ومحق الصفرة والأندرانى أبلغ في ذلك ويمنع القروح الخبيثة من الانتشار ويحدر البراز واذا دلك به بطون أصحاب الاستسقاء نفعهم وينفى الاسنان ويدفع عنها العفونة ويشد اللثة ويقويها ومنافعه كثيرة جدا

No comments: