Friday, August 29, 2008

في علاج ذات الجنب


فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج ذات الجنب
روى الترمذي في جامعه من حديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تداووا من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت ذات الجنب عند الأطباء نوعان حقيقي وغير حقيقي فالحقيقي ورم حار يعرض في نواحي الجنب في الغشاء المستبطن للإضلاع وغير الحقيقي ألم يشبهه يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة مؤذية تحتقن بين الصفاقات فتحدث وجعا قريبا من وجع ذات الجنب الحقيقي إلا أن الوجع في هذا القسم ممدود وفي الحقيقي ناخس قال صاحب القانون قد يعرض في الجنب والصفاقات والعضل التي في الصدر والأضلاع ونواحيها أورام مؤذية جدا موجعة تسمى شوصة وبرساما وذات الجنب وقد تكون أيضا اوجاعا في هذه الأعضاء ليس من ورم ولكن من رياح غليظة فيظن أنها من هذه العلة ولا تكون قال واعلم أن كل وجع في الجنب قد يسمى ذات الجنب اشتقاقا من مكان الألم لأن معنى ذات الجنب صاحبة الجنب والغرض به ههنا وجع الجنب فإذا عرض في الجنب ألم عن أي سبب كان نسب إليه

وعليه حمل كلام بقراط في قوله إن أصحاب ذات الجنب ينتفعون بالحمام وقيل المراد به كل من به وجع جنب أو وجع رئة من سوء مزاج أو من أخلاط غليظة أو لذاعة من غير ورم ولا حمى قال بعض الأطباء وأما معنى ذات الجنب في لغة اليونان فهو ورم الجنب الحار وكذلك ورم كل واحد من الأعضاء الباطنة وإنما سمى ذات الجنب ورم ذلك العضو إذاكان ورما حارا فقط ويلزم ذات الجنب الحقيقي خمسة أعراض وهي الحمى والسعال والوجع الناخس وضيق النفس والنبض المنشاري والعلاج الموجود في الحديث ليس هو لهذا القسم لكن للقسم الثاني الكائن عن الريح الغليظة فإن القسط البحري وهو العود الهندي على ما جاء مفسرا في احاديث آخر صنف من القسط إذا دق دقا ناعما وخلط بالزيت المسخن ودلك به مكان الريح المذكور أو لعق كان دواء موافقا لذلك نافعا له محللآ لمادته مذهبا لها مقويا للأعضاء الباطنة مفتحا للسدد والعود المذكور في منافعه كذلك قال المسيحي العود حار يابس قابض يحبس البطن ويقوي الأعضاء الباطنة ويطرد الريح ويفتح السدد نافع من ذات الجنب ويذهب فضل الرطوبة والعود المذكور جيد للدماغ قال ويجوز أن ينفع القسط من ذات الجنب الحقيقية ايضا إذا كان حدوثها عن مادة بلغمية لا سيما في وقت انحطاط العلة والله أعلم وذات الجنب من الأمراض الخطرة وفي الحديث الصحيح عن أم سلمة أنها قالت بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضه في بيت ميمونة وكان كلما خف عليه خرج وصلى بالناس وكان كلما وجد ثقلا قال مروا ابا بكر فليصل بالناس واشتد شكواه حتى غمر ومن شدة الوجع اجتمع عند نساؤه وعمه العباس وأم الفضل بنت

الحرث وأسماء بنت عميس فتشاوروا في لده فلدوه وهو مغمور فلما أفاق قال من فعل بي هذا هذا من عمل نساء جئن من ههنا وأشار بيده إلى أرض الحبشة وكانت أم سلمة وأسماء لدتاه فقالوا يا رسول الله خشينا أن يكون بك ذات الجنب قال فيم لددتموني قالوا بالعود الهندي وشيء من ورس وقطران من زيت فقال ما كان الله ليقذفني بذلك الداء ثم قال عزمت عليكم أن لا يبقى في البيت أحد إلا لد إلا عمى العباس وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار أن لا تلدوني فقلنا كراهية المريض للدواء فلما أفاق قال ألم أنهكم أن لا تلدوني لا يبقى منكم أحد إلا لد غير عمي العباس فإنه لم يشهدكم قال أبو عبيد عن الأصمعي اللدود ما يسقى الإنسان في أحد شقي الفم أخذ من لديدي الوادي وهما جانباه وأما الوجور فهو في وسط الفم قلت واللدود بالفتح هو الدواء الذي يلد به والسعوط ما أدخل من أنفه وفي هذا الحديث من الفقه معاقبة الجاني بمثل ما فعل سواء إذا لم يكن فعله محرما لحق الله وهذا الصواب المقطوع به لبضعة عشر دليلا قد ذكرناها في موضع آخر وهو منصوص أحمد وهو ثابت عن الخلفاء الراشدين وترجمة المسئلة بالقصاص في اللطمة والضربة وفيها عدة أحاديث لا معارض لها البتة فيتعين القول بها

No comments: