Friday, August 29, 2008

في أصلاح الطعام الذي يقع فيه الذباب وإرشاده إلى دفع مضرات السموم بأضدادها


فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في أصلاح الطعام الذي يقع فيه الذباب وإرشاده إلى دفع مضرات السموم بأضدادها

في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه فإن في أحد جناحيه داء وفي الاخر شفاء وفي سنن ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحد جناحي الذباب سم والآخر شفاء فإذا وقع في الطعام فامقلوه فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء هذا الحديث فيه أمران أمر فقهى وأمر طبي فأما الفقهي فهو دليل ظاهر الدلالة جدا على أن الذباب إذا مات في ماء أو مائع فإنه لا ينجسه وهذا قول جمهور العلماء ولا يعرف في السلف مخالف في ذلك ووجه الاستدلال به أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بمقلة وهو غمسه في الطعام ومعلوم أنه يموت من ذلك ولا سيما إذا كان الطعام حارا فلو كان ينجسه لكان أمرا بإفساد الطعام وهو صلىالله عليه وسلم إنما أمر بأصلاحه ثم عدا هذا الحكم إلى كل مالا نفس له سائل كالنحلة والزنبور والعنكبوت وأشباه ذلك إذ الحكم يعم بعموم علته وينتفي لا نتفاء سببه فلما كان سبب التنجيس هو الدم المحتقن في الحيوان بموته وكان ذلك مفقودا فيما لادم له سائل انتفى الحكم بالتنجيس لانتفاء علته ثم قال من لم يحكم بنجاسة عظم الميتة إذا كان هذا ثابتا في الحيوان الكامل مع ما فيه من الرطوبات والفضلات وعدم الصلابة فثبوته في العظم الذي هو أبعد عن

الرطوبات والفضلات واحتقان الدم أولى وهذا في غاية القوة فالمصير إليه أولى وأول من حفظ عنه في الإسلام أنه تكلم بهذه اللفظة فقال ما لا نفس له سائلة إبراهيم النخعي رضي الله عنه وعنه تلقاها الفقهاء والنفس في اللغة يعبر بها عن الدم ومنه نفست المرأة بفتح النون إذا حاضت ونفست بضمها إذا ولدت وأما المعنى الطبي فقال أبو عبيد معنى أمقلوه اغمسوه ليخرج الشفاء منه كما خرج الداء يقال للرجلين هما يتماقلان إذا تغاطا في الماء واعلم أن في الذباب عندهم قوة سميةيدل عليها الورم والحكة العارضة عن لسعة وهي بمنزلة السلاح فإذا سقط فيما يؤذيه اتقاه بسلاحه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقابل تلك السمية بما اودعه الله سبحانه في جناحه الآخر من الشفاء فيغمس كله في الماء والطعام فيقابل المادة السمية المادة النافعة فيزول ضررها وهذا طب لا يهتدى إليه كبار الأطباء وائمتهم بل هو خارج من مشكاة النبوة ومع هذا فالطبيب العالم العارف الموفق يخضع لهذا العلاج ويقر لمن جاء به بأنه أكمل الخلق على الإطلاق وأنه مؤيد بوحي إلهي خارج عن القوى البشرية وقد ذكر غير واحد من الأطباء أن لسع الزنبور والعقرب إذا ذلك موضعه بالذباب نفع منه نفعا بينا وسكنه وما ذاك إلا للمادة التي في من الشفاء وإذا ذلك به الورم الذي يخرج في شعر العين المسمى شعره بعد قطع رءوس الذباب أبرأه

No comments: