Friday, August 29, 2008

في علاج السم الذي أصابه بخيبر من اليهود


فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السم الذي أصابه بخيبر من اليهود
ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك

أن امرأة يهودية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاة مصلية بخيبر فقال ما هذا قالت هدية وحذرت أن تقول من الصدقة فلا يأكل منها فأكل منها النبي صلى الله عليه وسلم وأكل الصحابة ثم قال امسكوا ثم قال للمرأة هل سمنت هذه الشاة قالت من أخبرك بهذا قال هذا العظم لساقها وهو في يده قالت نعم قال لم قالت أردت إن كنت كاذبا أن يستريح منك الناس وإن كنت نبيا لم يضرك قال فاحتجم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة على الكاهل وأمر اصحابه أن يحتجموا فاحتجموا فمات بعضهم وفي طريق أخرى واحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة حجمه أبو هند بالقرن والشفرة وهو مولى لبني بياضه من الأنصار وبقي بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي توفي فيه فقال ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر حتى كان هذا أوان انقطاع الأبهر مني فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدا قال موسى بن عقبة معالجة السم تكون بالاستفراغات وبالأدوية التي تعارت فعل السم وتبطله إما بكيفاتها وإما بخواصها فمن عدم الدواء فليبادر إلى الاستفراغ الكلي وأنفعه الحجامة لا سيما إذا كان البلد حارا والزمان حارا فإن القوة السمية تسري إلى الدم فتنبعث في العروق والمجاري حتى تصل إلى القلب فيكون الهلاك فالدم هو المنفذ الموصل للسم إلى القلب والإعضاء فإذا بادر السموم وأخرج

الدم خرجت معه تلك الكيفية السمية التي خالطته فإن كان استفراغا تاما لم يضره السم بل إما أن يذهب وإما أن يضعف فتقوى عليه الطبيعة فتبطل فعله أو تضعفه ولما احتجم النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في الكاهل وهو أقرب المواضع التي تمكن فيها الحجامة إلى القلب فخرجت المادة السمية مع الدم لا خروجا كليا بل بقى أثرها مع ضعفه لما يريد الله سبحانه من تكميل مراتب الفضل كلها له فلما أراد الله إكرامه بالشهادة ظهر تأثير ذلك الأثر الكامن من السم ليقضى الله امرا كان مفعولا وظهر سر قوله تعالى لأعدائه من اليهود أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون فجاء بلفظ كذبتم بالماضي الذي قد وقع منه وتحقق وجاء بلفظ تقتلون بالمستقبل الذي يتوقعونه وينتظرونه والله أعلم

No comments: